ما هو تاريخ القاهرة الفاطمية؟ - إقرأ نيوز الأن

النشرة (لبنان) 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
ما هو تاريخ القاهرة الفاطمية؟ - إقرأ نيوز الأن, اليوم الثلاثاء 22 أبريل 2025 02:15 مساءً

القاهرة، مدينة الألف مئذنة، لا تقتصر فقط على كونها عاصمة مصر الحديثة، بل تحمل بين شوارعها وأزقتها طبقات متعددة من التاريخ. ومن بين أبرز الفصول التاريخية التي مرت بها، تبرز القاهرة الفاطمية كأحد أروع وأهم العصور التي أسهمت في رسم ملامح المدينة ثقافيًا ومعماريًا. هذه المرحلة لم تكن مجرد حقبة حكم، بل شهدت تأسيس مدينة داخل المدينة، كانت بمثابة عاصمة روحية وسياسية للدولة الفاطمية، وما تزال آثارها شاهدة حتى يومنا هذا.

بداية التأسيس وأهدافها السياسية والدينية

تأسست القاهرة الفاطمية في العام 969 ميلاديًا على يد القائد جوهر الصقلي، بناءً على أوامر الخليفة الفاطمي المعز لدين الله. وكان الهدف من تأسيسها يتجاوز مجرد التوسّع العمراني، إذ كانت المدينة الجديدة مقرًا رسميًا للخلافة الفاطمية الشيعية، ومركزًا لنشر الفكر الإسماعيلي. اختير موقعها بعناية شمال مدينة الفسطاط القديمة، ليكون قريبًا من نهر النيل، وفي منطقة سهلة الدفاع.

كان تصميم المدينة يعتمد على مفهوم المدينة المحصنة، إذ أُحيطت بأسوار عالية وأبواب ضخمة مثل "باب الفتوح" و"باب النصر"، والتي لا تزال قائمة حتى اليوم. وقد خطط جوهر الصقلي المدينة على نمط هندسي منظم، حيث احتلت القصور والمراكز الإدارية وسط المدينة، في حين توزعت الأحياء السكنية حولها.

النهضة العمرانية والثقافية في قلب القاهرة

في ظل الحكم الفاطمي، شهدت القاهرة نهضة عمرانية وثقافية هائلة، حيث أُنشئت المساجد، والمدارس، والقصور، والأسواق. كان الجامع الأزهر من أبرز المعالم التي أُسست خلال هذه الفترة، وتحول لاحقًا إلى أحد أهم مراكز التعليم الديني في العالم الإسلامي. كما أنشئ قصران كبيران في قلب المدينة، هما القصر الشرقي الكبير والقصر الغربي، وكان بينهما "بين القصرين"، وهو ميدان واسع يُستخدم للمواكب والاحتفالات الرسمية.

ساهم الاستقرار النسبي في تلك الفترة في جذب العلماء، والحرفيين، والتجار إلى القاهرة، ما جعلها مركزًا حضاريًا نابضًا بالحياة. وتُعد الفنون الزخرفية، والخط العربي، والعمارة ذات الطابع الفاطمي، من أبرز ما ميّز هذه المرحلة، حيث تطورت أنماط معمارية وزخرفية فريدة لا تزال تُدرس حتى اليوم.

الإرث التاريخي وتأثيره على وجه القاهرة المعاصر

رغم أن الدولة الفاطمية انتهت في القرن الثاني عشر على يد صلاح الدين الأيوبي، إلا أن بصماتها لا تزال واضحة في معمار المدينة وروحها. فالأزقة الضيقة، والأبواب القديمة، والمساجد ذات المآذن القصيرة، ما تزال تروي قصة تلك المرحلة المزدهرة من تاريخ القاهرة. وقد تحول الجزء الفاطمي من المدينة إلى ما يُعرف اليوم بـ"القاهرة التاريخية"، وهي منطقة مصنفة ضمن مواقع التراث العالمي لليونسكو.

زيارتك للقاهرة الفاطمية ليست مجرد عبور في مكان، بل هي رحلة عبر الزمن تُشعرك بأنك تسير بين صفحات كتاب حيّ من التاريخ. الأسواق مثل خان الخليلي، ومساجد مثل الحاكم بأمر الله، وأزقة شارع المعز، كلها معالم تُجسد الإرث الفاطمي، وتُذكّرنا بأن هذه المدينة ليست فقط شاهدة على التاريخ، بل ما زالت تنبض به.

القاهرة الفاطمية تمثل مرحلة ذهبية في تاريخ مصر، جمعت بين الحكم القوي، والفكر الديني، والإبداع الفني والعمراني. ورغم مرور قرون على تأسيسها، إلا أن أثرها ما يزال ينبض بالحياة في قلب العاصمة. زيارة هذه المنطقة تعني الغوص في عمق حضارة فريدة، شكّلت جزءًا كبيرًا من هوية القاهرة التي نعرفها اليوم.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق