نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
الاحتفال بشم النسيم في مصر - إقرأ نيوز الأن, اليوم الخميس 24 أبريل 2025 02:10 صباحاً
يعتبر شم النسيم من أبرز المناسبات التي تحتفل بها العائلات المصرية كل عام، ويحل دائمًا مع بدايات فصل الربيع، تحديدًا في يوم الاثنين الذي يلي عيد القيامة المجيد حسب التقويم القبطي. وعلى الرغم من ارتباط موعده بالتقويم المسيحي، إلا أن الاحتفال به يُعد طقسًا شعبيًا مشتركًا يجمع المسلمين والمسيحيين على حد سواء.
شم النسيم ليس مجرد عطلة تقليدية أو يوم للنزهة، بل هو احتفال راسخ في وجدان المصريين منذ آلاف السنين، حيث يمتد تاريخه إلى العصور الفرعونية. إنه يوم يرمز للحياة والخصوبة والتجدد، وتتخلله طقوس مميزة مثل تلوين البيض وتناول أطعمة خاصة، إلى جانب الخروج إلى الحدائق والمسطحات الخضراء، مما يجعله تجربة فريدة ومليئة بالبهجة.
من "شمو" إلى شم النسيم: العيد الذي عبر العصور
أصل شم النسيم يعود إلى ما يقرب من 2700 سنة قبل الميلاد، حيث كان المصريون القدماء يحتفلون بعيد "شمو"، الذي يعني باللغة الهيروغليفية "بعث الحياة"، وكان يُعتبر مناسبة فلكية يحتفل فيها ببدء موسم الحصاد وتجدد الحياة. وقد ارتبط هذا اليوم بظهور الشمس في نقطة معينة بين الأهرامات، مما جعله موعدًا مقدسًا عند المصريين القدماء. ومع مرور القرون، انتقل الاحتفال عبر العصور من الفراعنة إلى القبط إلى عموم المصريين، متجاوزًا الحواجز الزمنية والدينية، ليستقر في الثقافة الشعبية المعاصرة كعيد يحتفل به الجميع دون تفرقة.
طقوس رمزية ونكهات مصرية أصيلة
لعل أكثر ما يميز شم النسيم هو طقوسه المتوارثة التي لم تتغير كثيرًا على مر العصور. أبرز هذه الطقوس هو الخروج إلى الحدائق العامة والمنتزهات، حيث تقضي الأسر المصرية ساعات النهار في التنزه وسط الطبيعة، بعيدًا عن صخب المدن. وتترافق هذه النزهات مع وجبة تقليدية تتألف من الفسيخ (السمك المملح)، والبصل الأخضر، والخس، والبيض الملون.
ولكل من هذه الأطعمة دلالة رمزية تعود إلى مصر القديمة؛ فالبيض يرمز للخلق والتجدد، والبصل للحماية من الأرواح الشريرة، أما الفسيخ فهو رمز للحياة البحرية والخصوبة. ويُعد تلوين البيض نشاطًا محببًا للأطفال والعائلات، يمارسونه بفرح كبير، مما يضفي على اليوم طابعًا احتفاليًا عائليًا.
رغم تغير الظروف الحياتية، لا يزال المصريون يحرصون على الاحتفال بشم النسيم بنفس الحماس. ويُنظر إليه كفرصة لتجديد الروابط الاجتماعية ولمّ الشمل العائلي في أجواء مبهجة. حتى المدن الكبرى مثل القاهرة والإسكندرية تشهد ازدحامًا في الحدائق والمنتزهات العامة، حيث يقبل الناس على التنزه، وغالبًا ما يصطحبون معهم الطعام والمشروبات في نزهة جماعية.
بعض المؤسسات التعليمية والثقافية تنظم فعاليات خاصة بهذه المناسبة، مثل ورش لتلوين البيض أو معارض فنية عن الربيع والتراث المصري، مما يساعد على ترسيخ هذا اليوم في ذاكرة الأجيال الجديدة. ويعكس هذا الاحتفال روح الاستمرارية في الثقافة المصرية، حيث يلتقي فيها الماضي العريق بالحاضر الحديث في مشهد يجسد الهوية الوطنية.
شم النسيم ليس مجرد عطلة موسمية، بل هو مناسبة تعكس عمق الثقافة المصرية وتنوعها، ويجمع بين أجواء الفرح، والتقاليد الراسخة، والتواصل بين الأجيال، ليبقى عيدًا شعبيًا ينبض بالحياة، في قلب الربيع المصري المتجدد.
0 تعليق