غابة بياوفييجا: آخر الغابات البدائية في أوروبا - إقرأ نيوز الأن

النشرة (لبنان) 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
غابة بياوفييجا: آخر الغابات البدائية في أوروبا - إقرأ نيوز الأن, اليوم الاثنين 21 أبريل 2025 11:15 صباحاً

وسط أوروبا الحديثة التي تبدلت ملامحها بفعل التطور العمراني والتغيرات البيئية، تظل غابة "بياوفييجا" (Białowieża Forest) شاهدًا على العصر البدائي للقارة. تقع هذه الغابة العريقة على الحدود بين بولندا وبيلاروسيا، وتمثل واحدة من آخر الغابات البدائية المتبقية في أوروبا، حيث بقيت صامدة في وجه الزمن، محتفظة بتنوعها البيولوجي الفريد وتكوينها الطبيعي الأصلي. 

تعد الغابة محمية طبيعية وموقعًا مدرجًا ضمن قائمة التراث العالمي لليونسكو، ما يجعلها وجهة مثالية لمحبي الطبيعة وعشاق المغامرة، إذ تمنح زائريها فرصة استثنائية للتجول في مكان لم تطأه الحداثة، حيث الأشجار العملاقة، والحيوانات البرية النادرة، والممرات التي تروي قصص آلاف السنين.

كنز بيئي يضم أنواعاً فريدة من الحياة البرية

تُعرف غابة بياوفييجا بأنها موطن لأكبر عدد من الثيران الأوروبية (البيسون الأوروبي)، وهي حيوانات ضخمة مهددة بالانقراض، تم الحفاظ عليها داخل هذه الغابة بفضل جهود الحماية الدقيقة. وتُعد هذه الثيران رمزًا للغابة، ويمكن مشاهدتها في بيئتها الطبيعية أو في مراكز التربية والمحميات القريبة. لكن الغابة لا تقتصر على البيسون فقط، بل تحتضن أكثر من 250 نوعًا من الطيور، و59 نوعًا من الثدييات، و13 نوعًا من البرمائيات والزواحف، إلى جانب آلاف الأنواع من الحشرات والنباتات النادرة.

يُدهش الزائر بتنوع النظم البيئية داخل الغابة، من الأراضي الرطبة إلى المساحات الكثيفة بالأشجار التي تمتد جذورها عميقًا في التربة منذ مئات السنين، مما يجعل كل زاوية فيها تنبض بالحياة. ويمكن للزوار الانضمام إلى جولات إرشادية يقودها علماء أحياء أو مرشدون محليون مدربون يروون حكايات عن التنوع البيولوجي والتاريخ البيئي للمكان، مما يحول الزيارة إلى تجربة معرفية بقدر ما هي ترفيهية.

نزهة وسط أشجار معمرة وسكون لا يُضاهى

تُعد المشي لمسافات طويلة أو ركوب الدراجات وسط غابة بياوفييجا من أروع الأنشطة التي يمكن القيام بها، حيث تحيط بالمسافر أشجار البلوط، والزّان، والصنوبر، وبعضها يعود لأكثر من 500 عام، تُغطيها الطحالب وتلتف حولها أغصان ملتوية تعكس القدم والغموض. وتُعطي مسارات المشي المجهزة إحساسًا بالأمان، لكنها في الوقت ذاته لا تنتقص من طابع الغموض الذي يطغى على الغابة.

هدوء الغابة هو أكثر ما يثير الدهشة. فلا تسمع سوى أصوات الطيور، وحفيف الأشجار، وصدى خطواتك على التربة الرطبة. إنه سكون نادر في عالم صاخب، يكاد يكون تأمليًا، يدفعك للغوص في أعماق الذات. في كل زاوية من الغابة، ينتظر الزائر مشهد طبيعي أو لحظة سكون قادرة على إعادة الاتصال بالبساطة والعفوية التي نفتقدها في الحياة اليومية.

الغابة لا تروي فقط قصة الطبيعة، بل تحتفظ أيضًا بتاريخ طويل من العلاقة بين الإنسان والمكان. فقد كانت بياوفييجا أرض صيد ملوك بولندا وقياصرة روسيا في القرون الماضية، ويمكن للزوار اليوم زيارة قصر الصيد الملكي والمتحف البيئي المرتبط به، والذي يعرض أدوات وتقنيات الصيد القديمة، إضافة إلى معلومات حول الحياة البرية للغابة وتاريخها السياسي والبيئي.

غابة بياوفييجا ليست مجرد محمية طبيعية، بل هي سجل حيّ لعصر مضى، ومختبر مفتوح للتنوع البيولوجي، ومتنفس روحي لمن يبحث عن الصفاء. في عالم يتغير بسرعة، تبقى هذه الغابة رمزًا للاستمرارية والبقاء، ووجهة لا بد من استكشافها ولو مرة في العمر.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق