عن "واقعية" عراقجي في الملف النووي - إقرأ نيوز الأن

النشرة (لبنان) 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
عن "واقعية" عراقجي في الملف النووي - إقرأ نيوز الأن, اليوم الأربعاء 23 أبريل 2025 05:10 مساءً

د. جيرار ديب

 

 

قال وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي الجمعة 18 نيسان / أيريل الجاري، عشية جولة ثانية من المحادثات مع الولايات المتحدة، إن بلاده تعتقد أن التوصل إلى اتفاق في شأن برنامجها النووي ممكن، إذا تحلت واشنطن بـ"الواقعية".

وأضاف في مؤتمر صحافي مشترك في موسكو عقب محادثات جمعته مع وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف: "إذ أظهروا جدية ولم يقدموا مطالب غير واقعية فسيكون التوصل إلى اتفاقات أمراً ممكناً".

تصريح عراقجي هذا أتى في ظلّ ممارسة واشنطن مزيداً من الضغوط على بلاده، وعلى وقع مطالبة وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو نظراءه الأوروبيين الذين التقاهم في باريس، بأن يتخذوا قرار تجديد العقوبات على طهران، فعلى هؤلاء "أن يتخذوا قراراً مهماً في شأن وضعية "آلية الزناد" التي تعتمد على إعادة فرض العقوبات"، موضحاً أن إيران لا تفي بالتزاماتها.

عن أي "واقعية" يحدثنا عراقجي، وواشنطن تصعد ميدانياً، حيث شنت طائراتها ليل الخميس - الجمعة 18 نيسان الجاري سلسلة غارات على اليمن تُعدّ الأعنف منذ بدء حربها على حركة الحوثيين بعد قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب، وفي ظلّ ما ذكرته هيئة البث الإسرائيلية "كان"، أن كميات كبيرة من الذخيرة والأسلحة الأميركية وصلت إلى إسرائيل عبر جسر جوي خلال الأيام الماضية؟

وأوضحت الهيئة أن قنابل ثقيلة وصواريخ اعتراضية لمنظومة "ثاد" الدفاعية الاعتراض وصلت عبر طائرات النقل C-17 إلى قاعدة "نيفاتيم" الجوية الإسرائيلية، آتية من قواعد أميركية منتشرة في أنحاء مختلفة من العالم.

 

والإعلان هذا يتزامن مع تسريب إعلامي عن اعتراض ترامب على خطة وضعها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يحاكي فيها تنفيذ ضربات دقيقة ومدمرة للمنشآت النووية الإيرانية.

"واقعية القوة" هي التي تسعى واشنطن إلى تطبيقها على إيران لأخذها إلى تسوية مشروطة في الملف النووي. وهي تختلف عن "الواقعية" التي تعمل طهران لإرسائها في التفاوض، سواء في عمان أو روما، أو في أي بلد آخر يمكن أن يحدد لاحقاً.

هي الجولة الثانية من المحادثات بين البلدين في روما، بعد جولة أولى عُقدت في مسقط السبت 12 نيسان / أبريل، حيث أجمع الطرفان على أنها كانت "بناءة" و"إيجابية". رغم أنّ الجميع يدرك أنّها لم تكن كذلك، لكنّ الطرفين يصرّان على اللعب في وقت "بدل عن ضائع"، ويدركان أن حظوظ الالتقاء على نقاط "تسووية" ضعيفة، إن لم نقل معدومة.

على ما يبدو، رفعت إيران شروط التفاوض، وما خرج على الإعلام وإلى العلن من مسؤوليها ومسؤولي وكلائها في المنطقة يؤكد أنّ إيران لا تسلك خيار الاستسلام، رغم الوعيد والتهديد من الرئيس الأميركي دونالد ترامب. ولم يكن من باب المصادفات أن يعلن كل من "حماس" و"حزب الله" تمسكهما بالسلاح، إذ أعلن الخميس 17 نيسان الجاري، رئيس حركة "حماس" في قطاع غزة خليل الحية في كلمة تلفزيونية بثتها قناة "الجزيرة" أن المقاومة وسلاحها مرتبطان بوجود الاحتلال.

لم تمض ساعات على ما صرّح به الحية، حتى أتى تصريح نعيم قاسم الأمين العام لـ"حزب الله" ليصبّ في هذا التوجه، إذ اعتبر في كلمة متلفزة مساء الجمعة "أننا لن نسمح لأحد بنزع سلاحنا، وسنواجه من يعتدي على المقاومة ومن يعمل على نزع سلاحها كما واجهنا إسرائيل".

أكثر الوضوح في ما تمّ التصريح به قبل الجولة الثانية من المفاوضات الإيرانية التي طالبت وزارة الخارجية الإيرانية بإشراك الصين وروسيا كأطراف ضامنة لأي اتفاقية سيتمّ إبرامها. تحتاج طهران إلى ضمانات، ولا سيما أنها تعتبر أن هذا الملف هو ورقة رابحة في مفاوضاتها مع الغرب، وتحديدا مع الولايات المتحدة. كما أنّها تجد في وكلائها في المنطقة ورقة تفاوضية رئيسية، رغم أنها خسرت بعضها على رأسها النظام السوري الهارب الذي سقط على يد المعارضة السورية.

قال مسؤول إيراني لوكالة "رويترز" إن إيران أبلغت الولايات المتحدة خلال محادثات مسقط باستعدادها لقبول بعض القيود على تخصيب اليورانيوم. لكنها تحتاج إلى ضمانات قوية أن الرئيس الأميركي لن ينسحب مجدداً من اتفاق نووي بعد انسحانه عام 2018 من الاتفاق الذي أبرم عام 2015 في ولاية الرئيس الأسبق باراك أوباما.

ليس مستحيلاً التوصل إلى تسوية بين الجانبين، ولكن في القراءة الواقعية التي طالب عراقجي واشنطن بالتحلي بها، المسألة غير مطروحة. فالولايات المتحدة، كما الكثير، تجد أنّ الوقت اليوم مناسب لأخذ طهران إلى اتفاق، هذا على الأقل ما صرّح به وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو، أن اللحظة سانحة لتفكيك برنامج إيران النووي "ولو بالقوة"، باعتبار أنها اليوم ضعيفة.

مستبعدٌ توقيع اتفاق، فالواقعية مختلفة بين طرفي النزاع، وعلى ما يبدو إن الظروف التي أوصلت الاتفاق السابق غير مطروحة اليوم في ضوء حرب واسعة افتتحها ترامب منذ وصوله إلى البيت الأبيض. وإن ما أعلنته لجنة الأمن القومي الإيراني، الجمعة 18 نيسان، أنها "تريد دوراً روسياً وصينياً في أي اتفاق مع أميركا" يؤكد أن مسار المفاوضات أخذ منحى مختلفاً لا يتوقف عند حدود الملف النووي. إذ يوضح مدى جدية الحلف الذي يتموضع فيه الإيراني تغيير المعادلة الدولية القائمة.

إن الإصرار على إشراك الحليف لإيران، دلالة على أن أوراقها اللاعبة لم تعد تؤدي المهمة، وسط تصعيد أميركي وإسرائيلي في تنفيذ الضربات. لهذا تحتاج إيران إلى ضمانات جدية مختلفة هذه المرة، ليس من أجل الضمانات فحسب بل انسجاماً مع المشروع المطروح والهادف إلى إعادة ترتيب النظام العالمي القائم بما يتناسب مع التعددية القطبية الصاعدة.

ليس هناك متسع من الوقت للتوصل إلى تسوية بين المعنيين، فالواقعية التي تحدث عنها عراقجي لا تقف عند ما هو مفروض أميركياً، بقدر ما يحاكي واقعية الحلف الذي تنتمي إليه طهران، ولا سيما مع استمرار الحرب الأوكرانية رغم تهديدات الإدارة الأميركية التي تمارسها على روسيا لإيقافها. ووسط فشل الحرب التجارية التي افتتحها ترامب على الصين وبادلته بالمثل، يبقى السؤال: أي واقعية ستسلك طريقها لفرض تسوية في الشأن النووي؟

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق