في إطار التحول الاستراتيجي الذي تتبناه الدولة المصرية لتعزيز النمو الاقتصادي المستدام، شدد الرئيس عبد الفتاح السيسي على ضرورة تمكين القطاع الخاص من لعب دور محوري في دفع عجلة الاقتصاد الوطني، وذلك خلال اجتماع موسع اليوم مع رئيس الوزراء وعدد من الوزراء المعنيين بالشأن الاقتصادي والاستثماري.

خطوات جادة لتحسين بيئة الاستثمار

أوضح السفير محمد الشناوي، المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية، أن الاجتماع ناقش بعمق أبرز التحديات التي تواجه المستثمرين في مصر، خاصة الأعباء الإجرائية والمالية. ووجّه الرئيس السيسي باتخاذ حزمة من التدابير لتحسين مناخ الاستثمار، تشمل:

استبدال الرسوم المتعددة التي تفرضها الجهات الحكومية بضريبة موحدة تُحسب على صافي الربح. إطلاق منصة رقمية موحدة لتسهيل تأسيس وتسجيل الشركات، بما يقلل من البيروقراطية ويوفر الوقت والتكلفة. تسريع وتيرة الموافقات والتراخيص، خاصة للمشروعات الإنتاجية والصناعية.

وتهدف هذه الإجراءات إلى تحسين ترتيب مصر في مؤشرات سهولة ممارسة الأعمال، حيث تسعى الحكومة إلى تجاوز المرتبة 114 عالميًا، وفق تقرير البنك الدولي 2020.

 

برنامج جديد لتحفيز الصادرات المصرية

في سياق متصل، ناقش الاجتماع ملامح البرنامج الجديد لرد أعباء التصدير، والذي يستهدف زيادة حجم الصادرات المصرية لتصل إلى 100 مليار دولار سنويًا بحلول عام 2030. وتشمل محاور البرنامج:

توسيع قاعدة الشركات المستفيدة من دعم الصادرات. ربط الدعم بتحقيق نمو فعلي في الكميات المصدّرة. تحفيز الصناعات ذات القيمة المضافة العالية.

وتعد هذه الخطوة استجابة مباشرة لتحديات ضعف تنافسية الصادرات المصرية، التي تمثل حاليًا نحو 13% فقط من الناتج المحلي الإجمالي، مقارنة بمتوسط عالمي يتجاوز 30% في الاقتصادات النامية.

إصلاحات جمركية لتسريع حركة التجارة

من النقاط الجوهرية التي تناولها الاجتماع، تقليل زمن الإفراج الجمركي، وهو أحد المعوقات الكبرى التي تؤثر على تدفق السلع إلى السوق. ووجّه الرئيس السيسي بضرورة تقليص فترة الإفراج من 8 إلى 6 أيام فقط، من خلال:

تفعيل العمل الجمركي خلال الإجازات الرسمية وأيام الجمعة. إتاحة الدفع الإلكتروني للرسوم بعد ساعات العمل البنكي التقليدية. توسيع استخدام النظم الآلية لمراجعة الفواتير والفحص المسبق.

وبحسب وزارة المالية، فإن تقليص مدة الإفراج الجمركي يوفر نحو 5 مليارات جنيه سنويًا من تكلفة التخزين والغرامات على المستثمرين.

تعظيم العائد من أصول الدولة عبر صندوق مصر السيادي

تطرّق الاجتماع كذلك إلى أداء صندوق مصر السيادي، الذي يضطلع بدور كبير في استغلال الأصول غير المستغلة للدولة، وتحقيق عوائد استثمارية منها. ويشمل ذلك:

الدخول في شراكات استراتيجية مع القطاع الخاص المحلي والأجنبي. تنفيذ طروحات حكومية تستهدف شركات ناجحة لزيادة حصيلة الدولة. الاستفادة من مخرجات وثيقة سياسة ملكية الدولة في تحديد القطاعات ذات الأولوية.

وقد نجح الصندوق، منذ تأسيسه في عام 2018، في تنفيذ عدة مشروعات بالشراكة مع صناديق خليجية وأجنبية، مثل صندوق الاستثمارات العامة السعودي وADQ الإماراتي.

تمكين القطاع الخاص: رؤية مصرية للمرحلة المقبلة

أكد الرئيس السيسي أن المرحلة القادمة يجب أن ترتكز على خلق بيئة محفزة تُمكّن القطاع الخاص من قيادة النمو الاقتصادي، من خلال:

تشجيع الاستثمارات الوطنية في قطاعات التصنيع والتصدير والخدمات. توفير الخدمات اللوجستية والتمويلية اللازمة لدعم رواد الأعمال والمصدرين. تبسيط الإجراءات القانونية والضريبية على الشركات الصغيرة والمتوسطة.

وأوضح أن هذه التوجيهات تتكامل مع “وثيقة سياسة ملكية الدولة”، التي تهدف إلى تقليص دور الحكومة في الأنشطة الاقتصادية غير الاستراتيجية، لصالح القطاع الخاص.

للاطلاع على الوثيقة الرسمية لسياسة ملكية الدولة: investment.gov.eg/state-ownership-policy-document

خلاصة وتوصيات

تمثل هذه القرارات نقلة نوعية في مسار تمكين القطاع الخاص المصري، وتحفيز بيئة الاستثمار والتجارة. ومع تنفيذ هذه الخطط الطموحة، ستكون مصر أكثر استعدادًا لاستقطاب الاستثمارات وزيادة إنتاجها المحلي وتعزيز تنافسيتها في الأسواق العالمية.

---