في حديث صريح ومؤثر، سلط المخرج المصري عمرو سلامة الضوء على الجانب المظلم من حياة الفنانين، مؤكدًا أن الغالبية الساحقة منهم تعاني من أزمات مالية، في ظل غياب الدعم المؤسسي، وتفاوت الأجور بين النجوم الصف الأول وباقي العاملين في الصناعة.

فنانون خلف الشهرة: معاناة صامتة وسط الأضواء

عبر منشور نشره على حسابه الرسمي بـفيسبوك، استرجع سلامة تجاربه مع ثلاثة ممثلين من الصف الثاني، عمل معهم قبل وفاتهم. رغم أنهم كانوا معروفين وموهوبين، فإنهم لم يكونوا في وضع مالي جيد، وكان أحدهم بحاجة لعملية جراحية في عينه لكنه لم يكن يمتلك ما يكفي من المال.

قال سلامة إن هؤلاء النجوم كانوا يتقاضون أجورًا يومية بسيطة، وغالبًا لا يحصلون عليها في الوقت المحدد، مما اضطر بعضهم إلى الاستدانة لتغطية نفقات العلاج والمعيشة.

الانطباع الجماهيري خاطئ.. لا رفاهية في الفن

أكد سلامة أن الرأي العام يعتقد خطأً أن جميع الفنانين يعيشون في رغد مالي، موضحًا أن 90% من العاملين في المجال الفني بالكاد يكسبون ما يغطي احتياجاتهم الأساسية. فقط 10% من الفنانين يحصلون على عقود ضخمة وأجور مرتفعة.

وذكر أن العاملين خلف الكاميرا من فنيين ومساعدين يعيشون أوضاعًا أسوأ، حيث لا يحصلون على تأمين صحي، ويعملون دون عقود رسمية، ويواجهون مخاطر مهنية وقانونية حقيقية.

المجال الفني بلا حماية قانونية كافية

أشار سلامة إلى أن ساعات العمل الطويلة، وعدم دفع المستحقات، وغياب الرقابة النقابية كلها أمور تؤثر على نفسية وصحة الفنانين. وأضاف: “أعرف فنانين كانوا نجومًا، واليوم يستلفون المال. صديقي قال لي: (الشغلانة ديه غدارة).. وفعلاً هي كذلك”.

وتكشف هذه الجملة عن مدى هشاشة العمل الفني الذي قد يمنح الشهرة والظهور، لكنه لا يضمن الأمان المالي، خصوصًا في غياب خطط التقاعد أو الحماية الاجتماعية.

دعوة مجتمعية لفهم الواقع المهني للفنانين

المخرج الشاب شدد على أن هذه الكلمات ليست لاستدرار العطف، بل لكشف الحقيقة أمام جمهور واسع يرى المهنة من زاوية الترف والثراء. ولفت إلى أن هذه النظرة قائمة على تصورات مجتمعية محافظة وأحيانًا غاضبة من الفنانين، دون إدراك للمعاناة اليومية التي يواجهها معظمهم.

أين دور النقابات والجهات الإنتاجية؟

يُعيد هذا الطرح فتح النقاش حول ضرورة تنظيم منظومة الأجور والتأمينات في الصناعة الفنية، وتوفير ضمانات اجتماعية وصحية للعاملين، لا سيما كبار السن والنجوم السابقين الذين لم يحظوا بعقود رعاية.

وفي دول مثل فرنسا أو كندا، يحصل الفنانون على حقوق تقاعد وتأمين ضد البطالة، في حين أن غياب مثل هذه الآليات في العالم العربي يجعل مستقبل الفنانين هشًّا، ويتطلب تدخلًا مؤسسيًا عاجلًا.

أعمال عمرو سلامة الجديدة: مسلسل “برستيج”

على صعيد فني، يترقب الجمهور عرض مسلسل “برستيج” للمخرج عمرو سلامة، والمقرر طرحه على منصة يانجو بلاي في 24 أبريل 2025. يشارك في بطولته نخبة من النجوم، أبرزهم: مصطفى غريب، محمد عبد الرحمن، دينا، سامي مغاوري، وبسام رجب.

ويُتوقع أن يحمل المسلسل طابعًا اجتماعيًا عميقًا، يعكس توجه سلامة الدائم نحو تقديم أعمال تتناول الواقع المصري بعيدًا عن التجميل الزائف.

خاتمة: هل نُعيد تقييم نظرتنا للفن والفنانين؟

تدوينة عمرو سلامة تمثل دعوة صريحة للجمهور وصنّاع القرار لإعادة النظر في بنية العمل الفني، وتقدير الفنانين والعاملين بالصناعة ليس فقط لشهرتهم، بل لكفاحهم من أجل تقديم الفن رغم الظروف القاسية. ولعل هذه الكلمات الصادقة تكون بداية لحراك حقيقي يطالب بعدالة اجتماعية في المجال الفني.