إخراج الفصائل الفلسطينيّة من سوريا: تجاذبات إقليميّة وسط واقع معقّد - إقرأ نيوز الأن

النشرة (لبنان) 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
إخراج الفصائل الفلسطينيّة من سوريا: تجاذبات إقليميّة وسط واقع معقّد - إقرأ نيوز الأن, اليوم الثلاثاء 29 أبريل 2025 05:11 مساءً

دمشق – "النهار"


لم تتّضح بعد مفاعيل قرار الإدارة السورية الموقّتة، القاضي بطلب مغادرة الفصائل الفلسطينية الأراضي السورية خلال مهلة لم يُعلَن عن مدّتها. وفيما فضّل بعض قادة الفصائل مغادرة سوريا طوعاً بعد سقوط نظام بشار الأسد بسبب علاقاتهم الوثيقة به، لا يزال مصير قادة فصائل أخرى مجهولاً وسط تكتّم شديد، لم يخرقه سوى الإعلان عن اعتقال اثنين من قادة "حركة الجهاد الإسلامي"، في خطوة يبدو أنّها تهدف إلى توجيه رسالة إلى المجتمع الدولي توحي بموقف دمشق من وكلاء إيران، وهو أحد أبرز الشروط الواردة في ورقة المطالب الأميركية.
ولا يمكن القول إنّ قرار الإدارة السورية جاء فقط استجابةً لتلك المطالب، إذ إنّ أحمد الشرع، رئيس سوريا الانتقالي، بادر فور وصوله إلى دمشق في كانون الأول/ ديسمبر إلى تقييد نشاط الفصائل الفلسطينية، ومنعها من مزاولة أيّ نشاط عسكري على الأراضي السورية، بما في ذلك التدريب العسكري. وقد فُسّر هذا الإجراء العاجل بأنّه يأتي في سياق الحرص على حصر السلاح في يد أجهزة السلطة الجديدة.

 

عنصر من الأمن العام السوري. (ا ف ب)

عنصر من الأمن العام السوري. (ا ف ب)

 

ويبدو أنّ هذا الإجراء كان يُمثّل الحدّ الأقصى الذي يمكن أن تذهب إليه إدارة الشرع، لولا ورقة المطالب الأميركية التي وضعت سقفاً أعلى للتعامل مع الفصائل المقرّبة من إيران، يقضي بإخراجها كلياً من البلاد.
وجاء اعتقال اثنين من قادة "الجهاد الإسلامي" كمحاولة من الشرع للموازنة بين الحد الأقصى الذي اعتمدته إدارته والسقف الأميركي المرتفع، من خلال التضحية بالحركة الأكثر قرباً من طهران.
لكن يبدو أنّ المسألة أكثر تعقيداً، لا سيّما مع دخول تركيا على الخطّ، وطلبها من دمشق السماح ببقاء كلّ من "حماس" و"الجهاد الإسلامي" داخل سوريا لتلقّي تدريبات عسكرية، وفق ما كشف موقع "آي 24 نيوز" العبري. ويشير تسريب هذا الخبر من قناة إسرائيلية إلى حجم التجاذبات الإقليمية التي ستخضع لها الإدارة السورية الموقّتة لتنفيذ المطالب الأميركية، وعلى رأسها إخراج وكلاء إيران، الذي كان يُعدّ مطلباً سهل التنفيذ مقارنة بمطلب التعامل مع المقاتلين الأجانب، على سبيل المثال.
ويتركّز الاهتمام على حركتي "حماس" و"الجهاد الإسلامي" لكونهما من الفصائل المدعومة من إيران، ولاشتراكهما الفعّال في حرب غزّة المستمرّة منذ 7 تشرين الأول (أكتوبر) 2023. أمّا باقي الفصائل الفلسطينية الموجودة في سوريا، والتي بلغ عددها قرابة عشرين فصيلاً، فقد سارع عدد منها إلى مغادرة دمشق بعد شهرين من سقوط نظام الأسد. ووفقاً لـ"مجموعة العمل من أجل فلسطينيي سوريا"، بدأت بعض الفصائل منذ شباط/فبراير بإعادة تموضعها وتغيير قياداتها تمهيداً للانتقال إلى خارج سوريا، وشمل ذلك "الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين – القيادة العامة"، و"فتح الانتفاضة"، و"قوات الصاعقة".
ويقول الكاتب والباحث السوري مالك الحافظ، لـ"النهار"، إنّ "هذا التحوّل يمثل تحدياً استراتيجياً، فالفصيلان يرتبطان بعلاقات وثيقة مع إيران، وكان لهما حضور في سوريا منذ سنوات كجزء من شبكة المقاومة. ولكن مع التغيّرات السياسية والضغوط الإقليمية والدولية، يُعدّ إخراج هذه الفصائل خطوة تُضعف قدرتها على التحرّك بحرية في المنطقة وتزيد من تعقيد خياراتها المستقبلية".
ويضيف الحافظ: "كانت الفصائل الفلسطينية تعتبر سوريا نقطة ارتكاز لوجستية وأمنية، لكنّها ستواجه اليوم خيارات صعبة لإعادة ترتيب علاقاتها الإقليمية، لا سيّما مع استمرار اعتمادها على دعم إيران. عدم وجود قاعدة في سوريا قد يحدّ من قدرتها على المناورة في الملفّات الإقليمية المعقّدة".
من جهته، يرى عمر رحمون، مهندس تسوية حلب عام 2016، أنّ قرار إخراج الفصائل "يُظهر تحوّلاً في التحالفات الإقليمية لسوريا، إذ تتّجه نحو التقارب مع الدول العربية والغرب، وتخفّف ارتباطها بإيران وحلفائها".
ويضيف رحمون، في حديثه مع "النهار"، أنّ "القرار قد يكون محاولة لاستيعاب المتغيرات الإقليمية، خاصّة بعد حرب غزّة  والتنسيق بين الفصائل الفلسطينية وطهران، ما يضع سوريا في موقف حرج أمام الضغوط الدولية، فكان لا بدّ من اتّخاذ هذا القرار".
وإذا كان رحمون قد رأى في القرار فوائد محلية، مشيراً إلى أنّه "قد يُكسب الشرع دعماً من السوريين الرافضين للوجود المسلح للفصائل، خاصة بعد سنوات الحرب الأهلية"، فإنّ الحافظ قلّل من أهمية القرار، واصفاً إياه بـ"الخطوة التكتيكية" على صعيد اكتساب الشرعية الدولية، مؤكّداً أنّ "واشنطن غالباً ما تربط أيّ تفاعل حقيقي مع دمشق بشروط محدّدة لا تقتصر على تنفيذ بعض التنازلات التكتيكية، بل تشمل تحوّلات جوهرية في عملية الانتقال السياسيّ، مثل مشاركة جميع الأطراف وضمانات حقوق الإنسان".
ويحذّر رحمون من أنّ إخراج الفصائل الفلسطينية سيكون بمثابة "بالون اختبار" للتوازنات السياسية، مشيراً إلى أنّ "الإجراء سيختبر قدرة الشرع على المناورة بين المطالب الدولية والحفاظ على التحالفات المحلية، خاصة مع استمرار وجود قوى موالية لإيران داخل سوريا"، على حدّ تعبيره. كما يشير إلى احتمال أن يؤدّي ذلك إلى خلافات داخل "هيئة تحرير الشام" بسبب وجود قيادات فلسطينية في صفوفها.
ولم يستبعد مراقبون للمشهد السوري أن تسارع بعض الفصائل إلى مغادرة سوريا نتيجة التطورات الأخيرة وشعورها بأنّها أصبحت "غير مرغوب بها"، وفي مقدّمتها "حركة الجهاد الإسلامي" التي يُحتمل أن تتجه نحو فتح مكاتب لها في العراق، حيث تجد بيئة حاضنة هناك.
وقد يبقى مصير "حماس" معلّقاً نتيجة التجاذب الإسرائيلي-التركي-الأميركي، غير أنّ بعض المراقبين يرى أنّ "الإدارة الجديدة" لن تتمكّن من التعامل مع ملفّ الفصائل الفلسطينية بما يلبّي شروط واشنطن، نظراً إلى أنّ بعض الفصائل، ولا سيّما "الجهاد الإسلامي" و"حماس"، تمتلك خلايا ومستودعات لا تقع عملياً تحت سيطرة هذه الإدارة، إذ تنتشر في القنيطرة وبعض أرياف درعا وريف دمشق الغربي.
كما أنّ بعض هذه الخلايا تنشط تحت مسميات مختلفة، لكنّها تتبع تنظيمياً لهذين الفصيلين.
أمّا بالنسبة إلى بعض الفصائل الفلسطينية الصغيرة، فرجّح مراقبون أن يكون مصيرها التفكّك والانحلال، لعدم قدرتها على الاستمرار من دون الدعم الذي كانت تحصل عليه من الشبكات التي كان يوفّرها "محور المقاومة".

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق