نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
الإماراتية فاطمة صارعت "طيف التوحّد" عند طفلها لتجعل معالجة الحالة قضيّة وطنية - إقرأ نيوز الأن, اليوم الأربعاء 23 أبريل 2025 08:10 صباحاً
عندما كانت في سن الـ19 أنجبت فاطمة سالم. كانت طالبة في الجامعة تدرس علم النفس الاجتماعي، ربما الصدفة قادتها إلى دراسة هذا التخصص قبل أن تدرك أنها ستعيش حالة من حالات مئات الأمهات داخل الدولة، فمنذ ولادته اكتشفت عوارض إصابته بطيف التوحد، وفق حديثها إلى "النهار"، تقول: "بدأت ألاحظ وأقارن سلوكيات طفلي بسلوكيات غيره من الأطفال بعد العام الأول من عمره، إذ كان حاد المزاج وعصبياً وكثير الصراخ من دون أن تكون هناك أسباب لذلك، وكان لا يتفاعل معي أو مع المحيط الأسري من حوله، وقليل النوم، وأيضاً كانت لديه بعض الحركات النمطية التي يكررها بيديه، وكان لا يستجيب للنداء باسمه".
لاحظت الأم أولاً عدم تواصله البصري معها، إذ كانت نظراته دائماً متجهة إلى الأعلى، وكان ينطق كلمتين فقط هما بابا وعصير، ولكن بعدها تراجع النطق وأصبح يقول كلمات غير مفهومة، ولا يهتم للألعاب بل يركّز على الأدوات مثل فرشاة الأسنان أو غطاء قارورة المياه، ولم تكن تفهم سبب عدم اكتراثه باللعب واهتمامه بهذه الأدوات البسيطة إلى حين تم تشخيص حالته بطيف التوحّد، تشرح فاطمة.
تضيف الأم: "قرّرتُ مواجهة التوحّد وأن أتكيّف معه بالصبر والعلم. وبناءً على دراستي لنظريات علم النفس التطبيقي وعملي اختصاصية نفسية، جنّدت تخصّصي وجهدي وعلمي لتوعية أولياء أمور الأطفال أصحاب الهمم من هذه الفئة، بهدف مواجهة الأفكار وطرق العلاج غير الدقيقة لاضطراب طيف التوحد من غير المتخصصين".
الانتصار على الحالة الصعبة
حالة سالم الذي يبلغ اليوم 15سنة ليست عادية، بل هو في المرحلة المتقدمة والخطيرة جداً من المرض، وفق والدته التي توضح أن تشخيص الحالة يمكن وصفه بالشديد إلى الشديد جداً، كما أنه غير ناطق وترافقه إعاقة ذهنية عميقة الأمر الذي يزيد من التحديات والصعوبات للتعامل معه، إلا أنها بدأت تطبيق تعديل السلوك الإنساني والتحليل لمدة ثلاثة أشهر، ما انعكس إيجاباً عليه، إذ تطور سلوكه من خلال التواصل البصري وغير اللفظي، باستخدام لغة الإشارة والصور والموسيقى كعلاج.
ورغم صعوبة حالة سالم الصحية، يمتلك بعض المواهب مثل غيره من الأطفال أصحاب الهمم الذين برزوا في مجال الرياضة والفنّ والإبداع، فالمراهق حصل على شهادات تقدير في التطور السلوكي والوظيفي والرياضي من جهات متعددة، مثل القيادة العامة لشرطة دبي، ومركز "محمد بن راشد للتعليم الخاص" وغيرهما. وتعمل فاطمة على دعمه أكثر كي يكون أفضل.
التجربة الشخصية التي عاشتها فاطمة لم تجعلها منعزلة عن الناس أو أنانية، ولم تتفرّغ لرعاية ابنها وعدم الاكتراث لحالات أطفال آخرين، بل أعطتها القدرة على التطوع من أجل الآخرين فقررت الاشتراك في المنصّة الوطنية للتطوّع "متطوعون. إمارات" منذ أربع سنوات، وقدمت الدعم النفسي والمعنوي لأسر أطفال اضطراب طيف التوحد، إذ وجدت في المنصة فرصة كبيرة للوصول إلى كل شرائح المجتمع، لافتة إلى أن هناك اهتماماً واضحاً من المنصّة بخدمة هذه الفئة ودعمها، وتوفير فرص تطوعية مهمة عبر تشجيع الشباب على التطوع لتعزيز الدمج المجتمعي.
ولم تكتف فاطمة بتلك المبادرة فحسب، بل عملت على خلق مبادرة جديدة تحت عنوان "آفاق"، هي عبارة عن تجمّع أسبوعي كل نهار أربعاء في أبو ظبي يضم عائلات لديها حالات طيف التوحد. وهدف المبادرة تدريب الأهل على كيفية التعاطي مع تلك الحالات ومساعدتهم نفسياً وطبياً ولوجستياً، كما أنه مكان التقاء أطفال طيف التوحد للتعارف وتكوين صداقات، ويشارك في هذا اللقاء الأسبوعي أطبّاء نفسيون وخبراء علم اجتماع ورياضيون وغيرهم لتقديم كل الدعم مجّاناً للأهل والأبناء.
أهمية كبيرة لمرضى التوحّد في الإمارات
وتشارك دولة الإمارات دول العالم في الاحتفال بشهر التوحّد بدءاً من 2 نيسان من كل عام من خلال تنظيم عدد من البرامج والفعاليات الخاصة للتوعية بالتوحد في إمارات الدولة تحت شعار "فلنتوحد من أجل التوحد ".
وتُعدّ الدولة سبّاقة في مجال الاهتمام بالأشخاص من ذوي التوحد وأصحاب الهمم عموماً، إذ تقوم وزارة تنمية المجتمع من خلال العديد من المبادرات والبرامج بتمكين الأسر من التعامل مع الأبناء المصابين بهذا الاضطراب وتوفير الإرشادات اللازمة للأمهات بشكل خاص لرصد الأعراض المبكرة للتوحد، كما تمارس الوزارة دورها التوعوي في المدارس والجامعات لاستيعاب ذوي التوحّد ومساعدة المدرّسين على التعامل الأمثل معهم، وفي الدولة نحو 15 مركزاً متخصصاً بين مستشفيات ومراكز كبيرة.
وتقدّم "مؤسسة زايد العليا لأصحاب الهمم" برامج رعاية وتأهيل بمعايير عالمية معتمدة لـ522 من طلبة التوحد في مراكز الرعاية والتأهيل التابعة لها في إمارة أبو ظبي، منهم 221 طالباً وطالبة في مركز أبو ظبي للتوحد، و167 في مركز العين، و26 في مركز أبو ظبي للرعاية والتأهيل، و91 طالباً في مركز غياثي، و5 طلاب في مركز السلع، و4 طلاب في مركز القوع، و3 طلاب في مركز المرفأ، و5 طلاب في مركز الوقن، وفق مديرة مركز أبو ظبي للتوحد التابع للمؤسسة، عائشة المنصوري لـ"النهار".
0 تعليق